نهم .. المديرية التي يقطنها أكثر من 40 ألف نسمة وفيها تدور أعنف المعارك وعلى ترابها ارتكبت افضع الجرائم
يمنات
محي الدين محمد
في مديرية نهم، الطريق الصعب إلى صنعاء، تتّسع رقعة الكارثة الإنسانية وتتمدّد، بعدما أصبحت هذه المديرية أرض معركة وهدفاً يوميّاً لغارات “التحالف العربي”.
النزوح الجماعي، وغياب الخدمات الصحّية والتعليمية، هما التفصيل الأبرز في مشهد نهم المنكوبة، التي يقطنها أكثر من 40 ألف نسمة، الآلاف منهم باتوا مشرّدين.
جرائم بالجملة
تعتبر مديرية نهم في طليعة مديريّات محافظة صنعاء من حيث عدد القتلى المدنيّين الذين لقوا حتفهم بسبب غارات طائرات “التحالف”، حيث قُتل وجُرح فيها المئات من المدنيّين، جلّهم من الأطفال والنساء، في مواقع متعدّدة بينهما سوق خلقة الشعبي وسوق زتر وسوق بني صاع الذي دُمّر بشكل كامل.
هذه الأسواق الاقتصادية كانت تمثّل الرافد المعيشي لمئات الآلاف من السكّان، الذين فقد بعضهم ممتلكات تجارية بمئات ملايين الريالات، فتعطّلت مصالح الناس وتوسّعت الكارثة من الموت إلى الفقر إلى النزوح الجماعي.
و في فاجعة أخرى شهدها شهر أغسطس الماضي، قُتل ما يقارب 13 شخصاً من أسرة كاملة من آل عاصم، معظمهم من الأطفال والنساء، جرّاء قصف طيران “التحالف” منزل المواطن، محسن عاصم، الأمر الذي أدّى إلى نزوح عدد من المدنيّين في منطقة غولة عاصم، التي يبلغ عدد سكّانها ما يقارب 300 نسمة.
تدمير للحياة ونزوح جماعي
نالت مديرية نهم، كغيرها من المديريّات، نصيباً كبيراً من الدمار الذي خلّفه قصف طيران “التحالف” على مدى عام ونصف، فهناك الكثير من المناطق المنكوبة في المديرية.
ففي منطقة بران ومناطقها، الشلف وبيت أبو حاتم وبيت ربيد وبيت حيدان وأبو علهان وزامل، دُمّرت كلّ ممتلكات المواطنين من آبار ومزارع، حتى الوحدة الصحية الوحيدة التي يملكونها دُمرت، إضافة إلى العشرات من المنازل.
و يبلغ عدد سكان هذه المنطقة ما يقارب 4 آلاف نسمة أصبحوا في عداد المشرّدين والنازحين. أمّا سكان وادي ضبوعة، والذين يبلغ عددهم الـ700 نسمة فنزح أغلبهم إلى الجبال المجاورة وبعضهم إلى عدد من المحافظات. وفي منطقة مسورة التي يقطنها 3 آلاف نسمة سُجّل نزوح المئات، بينما نزح ما يقارب الـ500 نسمة من قرية قطبين بعد تدمير منازلهم. وفي وادي ملح، تعرض عدد من القرى للتدمير، ونزحت العديد من الأسر القريبة من أرض المعارك، كما في قرية المرطة، إضافة إلى عدد من المدنيين في منطقة بيت عاصم بسبب وصول القذائف إلى منازلهم.
المساعدات غير كافية
وكيل محافظة صنعاء، حميد ردمان عاصم، أشار إلى أن “هناك لجان إغاثة تقدم المساعدات للنازحين الذين نزحوا إلى مناطق كثيرة في المحافظة، بإشراف السلطة المحلية ومنظمات وجمعيات واتحادات”.
لكن عاصم يؤكد، في تصريح لـ”العربي”، أن “الكميات المقدمة من المساعدات غير كافية، كما أن هناك نازحين في المديرية نفسها ينزحون من مكان إلى مكان والقليل منهم يحصلون على مساعدات”، لافتاً إلى “صعوبة الوصول إلى كل السكان الذين لا يزالون متواجدين في منازلهم بسبب المناطق التي يعيشون فيها والقريبة من مناطق الحرب”.
وبشأن الخسائر المادية التي خلفتها الغارات، يفيد عاصم بأن “خسائر كبيرة طالت ممتلكات المدنيين من محلات تجارية إضافة إلى تدمير عشرات المنازل”، متهماً “الموالين للرئيس، عبد ربه منصور هادي، الذين وصلوا إلى بعض المناطق قاموا بسرقة محتويات منازل المواطنين وسياراتهم، وما تبقى لهم من ثروة حيوانية وزراعية”.
التعليم مشلول
أما التعليم في مديرية نهم فيكاد يكون مشلولاً بسبب تدمير عدد من المدارس. في هذا الصدد، يقول وكيل محافظة صنعاء، وهو أحد أبناء مديرية نهم، إن طيران “التحالف” دمر العديد من المدارس، منها مدرسة الميثاق الثانوية في مسورة، ومدرسة غولة عاصم، ومدرسة الحرشفة في ضبوعة، والوحدة الصحية في بران، ومدرسة بران الثانوية، ومدارس وادي ملح ومحجر النعيمات، مضيفاً أن “ذلك تسبب في حرمان مئات الطلاب من التعليم، وما تبقى من المدارس فهي خالية تماماً من الطلاب بسبب نزوح أسرهم إلى الجبال وعدد من المحافظات”.
أرض معركة
الشرية وشجان ومحجر النعيمات والمجاوحة وبني فرج والمدفون كل هذه المناطق وغيرها تحولت إلى أرض معركة، باعتبارها الخط الفاصل بين صنعاء ومأرب، وقتل فيها العشرات من المدنيين بينما كانوا في منازلهم آمنين، الأمر الذي اضطر غالبية السكان إلى مغادرة منازلهم وترك أراضيهم ساحات للمواجهات وقصف الطيران.